وأخذوا الأموال، حتى أنهم قسطوا على الكرخ خاصة مائة ألف دينار، وعظم الخطب وزاد الشر، واحترقت المنازل والدروب والأسواق، ودخل في الطمع العيارون، فكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره كما يفعل السلطان بمن يصادره، فعمل الناس الأبواب على الدروب فلم تفد شيئا، ووقعت الحرب بين الجند والعامة، فظفر الجند، ونهبوا الكرخ وغيره، فأخذوا منه مال جليل، وهلك أهل الشر والخير " (1).
وظلت أعمال العنف مستمرة والسلطة عاجزة عن إخماد تيار الفتن والاضطرابات، حتى مات القادر بالله وخلفه القائم بأمر الله سنة 422 ه، ففي هذه السنة تجددت الفتنة ببغداد بين الشيعة والسنة كما يحدثنا ابن الأثير:
" مات القادر بالله وخلفه ابنه القائم بأمر الله، ففي هذه السنة (422 ه) تجددت الفتنة ببغداد بين السنة والشيعة، ولما كان في الغد اجتمع أهل السنة من الجانبين، ومعهم كثير من الأتراك، وقصدوا الكرخ، فأحرقوا وهدموا الأسواق، وقتل من أهل الكرخ جماعة " (2).
فأصبحت الشيعة في هذه الفترة عرضة للفتك والاضطهاد على يد أهل السنة، ومن ورائهم الأتراك يشدون من عضدهم الذين اصطدموا أيضا مع الديلم الشيعة في البصرة عام 409 ه.
فكل هذه الحوادث وقعت في الفترة التي احترق فيها الحائر الحسيني، فربما كانت هناك أصابع اتهام تشير إلى مثيري الفتن والاضطرابات بين أهل السنة والشيعة.