وفي هذا الكلام يبين مطلبين:
الأول: إن الصفات الفعلية ترجع إلى الله تعالى، بمعنى أنه خلقها ونسبها إلى نفسه، فلا يقال له: خالق، إلا بعد أن يخلق، ولا يقال له: رازق، إلا بعد أن يرزق، بخلاف الصفات الذاتية، فهو تعالى عالم قبل وجود أي موجود من الموجودات، لأن العلم ذاته وهكذا يقال في بقية الصفات الذاتية.
والثاني: إن الاختلاف والتعدد في إطلاق الصفة يرجع إلى اختلاف الأثر الصادر من هذا الفعل الإلهي، فإطلاق مبدئ يختلف عن إطلاق معيد، وإن كان الابداء والإعادة كلاهما فعل لله تعالى.
قال العلامة الطباطبائي في نهاية الحكمة: (لا ريب أن للواجب بالذات صفات فعلية مضافة إلى غيره، كالخالق، والرزاق، والمعطي، والجواد، والغفور، والرحيم، إلى غير ذلك وهي كثيرة جدا يجمعها صفة القيوم، ولما كانت مضافة إلى غيره تعالى كانت متوقفة في تحققها إلى تحقق الغير المضاف إليه، وحيث كان كل غير مفروض معلولا للذات المتعالية متأخرا منها، كانت الصفة المتوقفة عليه متأخرة عن الذات زائدة عليها فهي منتزعة من مقام الفعل منسوبة إلى الذات المتعالية) (1).
الصفات السلبية وهي المسماة بصفات الجلال، فهي مورد اختلاف الشيعة عن المجسمة (الوهابيين) ويكاد المتتبع لكلمات علماء الإسلام أن يرى اتفاق على تنزيه الله من المسلمين عن الجسمية ولواحقها لأن محكمات القرآن واضحة في دلالتها على أن الذات المقدسة لا تشبه سائر الذوات المخلوقة لله تعالى (ليس كمثله شئ) وأن ما يتراءى من ظاهر بعض الآيات القرآنية من تجسيم ليس بمراد من الآية وله تأويل يحمل عليه.
وسوف نوضح أنه حتى من يحمل هذه الروايات التي لم تثبت من قبل الرواة