صفات الله عند المسلمين - حسين العايش - الصفحة ٣٨
وصف الله فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله) (1).
وكتب فتح بن يزيد الجرجاني إلى الإمام الرضا (ع) يسأله عن التوحيد، فكتب (ع) بخطه: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الملهم عباده الحمد، وفاطرهم على معرفة ربوبيته، الدال على وجوده بخلقه وبحدوث خلقه على أزله، وبأشباههم على أن لا شبه له، المستشهد آباته على قدرته، الممتنع من الصفات ذاته، ومن الأبصار رؤيته، ومن الأوهام الإحاطة به، لا أمد لكونه، ولا غاية لبقائه، لا يشمله المشاعر، ولا يحجبه الحجاب، فالحجاب بينه وبين خلقه لامتناعه مما يمكن في ذواتهم ولا مكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته، ولافتراق الصانع والمصنوع، والرب والمربوب، والحاد والمحدود، أحد لا بتأويل عدد الخالق، لا بمعنى حركة السميع، لا بأداة البصير، لا بتفريق آلة الشاهد، لا بمماسة البائن، لا ببراح مسافة الباطن، لا باجتنان الظاهر، لا بمحاذ الذي قد حسرت دون كنهه نواقد الأبصار، وامتنع وجوده جوائل الأوهام، أول الدين معرفته، وكمال المعرفة توحيده، وكما التوحيد نقي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة الموصوف إنه غير الصفة وشهادتهما جميعا على أنفسهما بالبنية الممتنع منها الأزل، فمن وصف الله فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن عده فقد أبطل أزله، ومن قال: كيف، فقد استوصفه، ومن قال: على م، فقد حمله، ومن قال: أين، فقد أخلى منه، ومن قال: إلى م، فقد وقته عالم، إذ لا معلوم وخالق إذ لا مخلوق ورب إذ لا مربوب وإله إذ لا مألوه وكذلك يوصف ربنا وهو فوق ما يصفه الواصفون) (2).
وهذه الرواية جامعة للتوحيد، والمتأمل في البرهان الذي اشتملت عليه الرواية لا يمكنه أن يقول بأن: (صفات الله تغاير ذاته) إذ الإمام يقول: (إن من وصف الله

(1) الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ص 168.
(2) التوحيد للصدوق، ص 56 - 57.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست