وما أفاده هو قول السلف والخلف من مشايخ الأزهر من وجوب حمل هذه الأحاديث على ما لا يتنافى مع العقل الذي أكد القرآن دوره في الاعتقاد وفهم الأحكام الشرعية فكيف يجوز لنا أن نلغيه.
سابعا - ابن بطال:
قال في الحديث القائل (إن الله يضع السماوات على أصبع): (لا يحمل ذكر الأصابع على الجارحة بل يحمل على أنه صفة من صفات الذات لا تكيف ولا تحد) (1).
ومن الواضح أن هذا تأويل إلا أنه قرب معنى الحديث من المعنى الذي يقول به المجسمة، فهم بعد أن يقولوا بظواهر هذه الأحاديث يحاولون الفرار من التجسيم بقولهم: (لا تكييف ولا تحديد) ثم إنه ما الفرق بين نحوي التأويل وهما، أن يقال:
أن الإصبع ك (اليد) دال على القدرة الإلهية، أو يقال: إن الإصبع هو صفة من صفات الذات بلا تكييف ولا تحديد، فمع أن حمل الإصبع على أنه صفة يخالف واقع اللغة العربية ويلزم منه التجسيم وهو أيضا تأويل لا يستفاد من ظاهر اللفظ إلا أن المجسمة يقبلونه ولا يقبلون ما يوافق اللغة العربية، ولا يلزم منه محذور ويردونه بأنه تأويل فإذا كان التأويل لا يقبل فالحكم واحد وكلا نحوي التأويل المفروض أن لا يقبلا لا أن تقبلوا ما يتلائم مع معتقدكم الباطل وتتركوا ما يقول به علماء الإسلام من الشيعة والسنة والمعتزلة، ولكن التعصب وعدم الأخذ بالعقل أديا إلى الوقوع في هذه الترهات.