ونظير هذا الموقف موقف آخر للإمام (عليه السلام) مع هارون لما أراد (عليه السلام) أن يبين شدة صلته وقربه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد سأله هارون: لم قلت: إنك أقرب إلى رسول الله منا؟ فقال (عليه السلام): لو بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيا، وخطب منك كريمتك هل كنت تجيبه إلى ذلك؟ فقال هارون:
سبحان الله! وكنت أفتخر بذلك على العرب والعجم.
فقال (عليه السلام): لكنه لا يخطب مني ولا أزوجه لأنه والدنا لا والدكم، فلذلك نحن أقرب إليه منكم، ثم قال (عليه السلام): هل كان يجوز له أن يدخل على حرمك وهن مكشفات فقال هارون: لا، فقال الإمام: لكن له أن يدخل على حرمي، ويجوز له ذلك، فلذلك نحن أقرب إليه منكم (1).
وقد اعترف هارون بأحقية الإمام (عليه السلام) حين أخذته هيبة الإمام (عليه السلام) ولم ير بدا من إظهار احترامه وإجلاله، الأمر الذي أثار ابنه المأمون فدفعه للسؤال قائلا: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي عظمته، وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟ فقال هارون: هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده، قال المأمون: يا أمير المؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟ فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مني ومن الخلق جميعا، ووالله لو