ويؤكدون على ذلك بين حين وآخر، ويبينون لشيعتهم الأحكام والمعارف وإن كانت على خلاف ما عليه الحكام وأذنابهم.
وبعبارة أخرى: كان الأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم في معزل عن السلطة في الفكر والعقيدة والسلوك على نحو الاستقلال التام، مع علمهم بأن الحكام لهم ولشيعتهم بالمرصاد.
ونستفيد ذلك من المواقف الصريحة التي يواجه الإمام (عليه السلام) بها رأس السلطة الحاكمة.
فقد ذكر الرواة أن هارون سأل الإمام (عليه السلام) عن فدك ليرجعها إليه، فأبى الإمام (عليه السلام) أن يأخذها إلا بحدودها، فقال الرشيد: ما حدودها؟
فقال (عليه السلام): إن حددتها لم تردها. فأصر هارون عليه أن يبينها له قائلا:
بحق جدك إلا فعلت. ولم يجد الإمام بدا من إجابته فقال له: أما الحد الأول فعدن، فلما سمع الرشيد ذلك تغير وجهه، واستمر الإمام (عليه السلام) في بيانه قائلا: والحد الثاني سمرقند، والحد الثالث إفريقيا، والحد الرابع سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينية، فثار الرشيد وقال: لم يبق لنا شئ، فقال (عليه السلام): قد علمت أنك لا تردها (1).
وفي هذا الحوار موقف الإمام الصريح وبيان أحقيته بالخلافة، ومن الطبيعي أن يترك ذلك الحوار أثرا في نفس هارون حيث يرى نفسه غاصبا ليس له من الأمر شئ.