وبقيت الأمة ولا سيما أهل البيت (عليهم السلام) يرزحون تحت وطأة القهر والحرمان.
وقد اعترف هارون الرشيد بذلك، كما جاء في حواره مع ولده المأمون لما اعترض على أبيه لقلة ما أعطى الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) في حين أنه ضمن له أن يعطيه الكثير.
قال المأمون: يا أمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش وبني هاشم، ومن لا يعرف نسبه خمسة آلاف دينار وتعطي موسى بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مائتي دينار أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس، فثار هارون وصاح في وجهه قائلا: اسكت لا أم لك، فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت آمنه أن يضرب وجهي بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم... (1).
وخامسا: إنه برغم ما كان يمارسه حكام بني العباس من سياسة البطش والقهر، والحرمان والإبادة والتشريد، إلا أن الأئمة (عليهم السلام) ما كانوا ليتنازلون عن منصب الإمامة والولاية، فإنها حق إلهي لهم من دون سائر الناس بل كانوا يقفون مواقف التحدي للحكام ويمارسون دورهم في حدود ما تسمح به الظروف المحيطة بهم وبشيعتهم، وكان الإمام السابق ينص على إمامة اللاحق في جمع من خواص الشيعة،