بهم دون سواهم، كما لعله أيضا لعدم اهتمام المؤرخين بهذه الناحية، كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدم.
ولكن لما كان في هذه القضية معصوم فلا بد أن يكون الفعل معصوما موافقا لمقتضى الحكمة، وعلى طبق الموازين الإلهية سواء حالفنا التوفيق فأدركنا السبب أو أخفقنا فلم ندركه.
ثم إنه بدراسة الواقع الاجتماعي والسياسي والظروف المحيطة بأهل البيت (عليهم السلام) آنذاك قد نتمكن من إعطاء صورة تقريبية عن الأسباب الكامنة وراء هذه القضية فنقول:
أولا: إن نظرة سريعة إلى تاريخ حياة الإمام الكاظم (عليه السلام) تدل على أن تلك الفترة كانت تتسم بالتوتر والتوجس والرهبة والخوف، فبرغم ما عاناه الإمام الصادق (عليه السلام) من حكام بني العباس وقد فرضوا عليه الحصار وتشددوا في عزله عن شيعته، وحاولوا بشتى الوسائل اصطناع شخصيات علمية مناوئة، للحيلولة دون انتشار فكر أهل البيت (عليهم السلام)، وبرغم حملات الإبادة التي تعرض لها العلويون من قتل وسجن وتشريد. وهم - العباسيون - وإن نجحوا إلى حد ما في تفتيت البنية الظاهرية لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وألجئ الأئمة (عليهم السلام) إلى التقية في كثير من أحوالهم وشؤونهم على ما هو مذكور في كتب الفقه إلا أن فكر أهل البيت (عليهم السلام) بقي حيا زاخرا بالعطاء، الأمر الذي يدل دلالة قاطعة على أن العناية الإلهية تحوطه وترعاه، ويأبى الله إلا أن يتم نوره. فقد