المنصب حساس جدا وقد استأذن ابن يقطين الإمام (عليه السلام) في الاستعفاء من هذا المنصب، إلا أن الإمام (عليه السلام) رغب في بقائه لحماية الشيعة (1)، وتكفل له بالرعاية والتسديد في مواطن الخطر. وقد أنقذه الإمام (عليه السلام) في مواضع كثيرة كاد أن يتورط فيها علي بن يقطين، على أنه كان من الجلالة والاستقامة والمعرفة بالحق ما يؤمن منه الانحراف أو تلتبس عليه الأمور.
وأما صفوان بن مهران فلم يكن عمله بهذه المثابة، بل كان خدمة خالصة لهارون الرشيد والجهاز الحاكم، وليس فيها إلا التأييد والمساندة لحكومة بني العباس، من دون أن يكون فيها نفع يذكر لغيرهم، ولذلك لم يمنعه الإمام (عليه السلام) من التخلي عن هذا العمل في حين أمر ابن يقطين بالبقاء، فلا تنافي بين الأمرين.
رابعا: إن من أهم الركائز التي اعتمدت عليها سياسة الحكام منذ اليوم الذي استولوا فيه على مقام الزعامة واغتصبوا فيه منصب الخلافة، هو السعي لإبقاء أصحاب الحق الشرعي في عوز وفاقة، كسرا لشوكتهم وتقليصا لشأنهم، وحدا من قدراتهم وإمكانياتهم، وإظهارهم للناس بأنهم ليسوا ممن يطمع فيهم، أو يرغب في صحبتهم أو حملهم على الاستجداء والخنوع.
ومن المعلوم أن الناس أبناء الدنيا وعبيد الدرهم والدينار، إلا ما قل