أظهرت كثيرا من الحقائق الخفية على الناس، وجعلت الحاكم يزداد في تماديه وضلاله، فيرتكب من الجرائم ما هو أبشع، ومن المنكرات ما هو أفظع، ويظهر حقيقته التي كان يسترها وراء بعض المظاهر الدينية التي قد ينخدع بها بعض من قصرت بصيرته عن إدراك الحقيقة، فقد ظن صفوان أن عمله مشروع، لأنه يكري جماله في طريق الحج، وهو أمر منفصل لا علاقة له بما يمارسه هارون الرشيد من اللهو واللعب والمحرمات، ولكن الإمام (عليه السلام) أوقفه على الحقيقة، وبين له أن البصير ينبغي أن لا ينخدع بمظهر زائف، وأن لا يكون مطية يحقق بها الظالم أغراضه.
وقد تنبه لذلك فاتخذ إجراءا حاسما، فباع جماله وتخلى عن مهنته، وأدرك هارون الرشيد السر وراء ذلك، ولولا شفاعة حسن صحبة صفوان لكان في عداد الضحايا.
ولا شك أن هذه الحادثة وأمثالها تركت هارون الرشيد يتميز من الغيظ، ويبحث عن أساليب أخرى يكيد بها الإمام (عليه السلام).
وأما إذنه (عليه السلام) لعلي بن يقطين في تولي منصب الوزارة لهارون الرشيد ورغبته (عليه السلام) في بقائه في الوزارة فليس ذلك نقضا لهذا الموقف، وذلك لأن الوزارة منصب عام يرتبط بعامة الناس، وله صلاحيات واسعة يستطيع علي بن يقطين من خلالها أن يؤدي خدمات كبيرة للشيعة على مختلف طبقاتهم ودفع الأخطار عنهم، ومع أن هذا