وقد نصبه النبي خليفة على الأمة لم يطمع في الولاية يوم استأثر بها القوم، وحملوه على قبول ولايتهم قسرا، واعتزلهم وما يفعلون، ولما قتل عثمان جاؤوا يسعون إليه وبايعوه عن طواعية واختيار، وسعى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يسوسهم بالعدل والحكمة، ويسير فيهم بسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويحملهم على المحجة البيضاء، فلم يرق لهم ذلك، فنقضوا بيعته، وحاربوه، وكان أول من نقض البيعة وأول من حاربه هو أول من بايعه ونادى بخلافته.
إن أولئك الحكام يحسبون أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كأنفسهم، حيث يجد الحكام أنفسهم ذوي أطماع في الحكم والسلطان، وإن أشادوا حكمهم على أشلاء الضحايا وبنوا قصورهم على أجساد الأبرياء، وسقوا أساس ملكهم بدماء المظلومين.
وعلى أي حال فقد كان عصر الإمام الكاظم (عليه السلام) عصر خوف واضطراب، وقد أحكمت السلطة قبضتها على زمام الأمر فأخمدت الأنفاس، وكتمت الأصوات، وسفكت الدماء، وضاقت السجون وتفرق الرجال.
ولم يكن الذي يجري إلا على أهل البيت وشيعتهم وفي طليعة أهل البيت (عليهم السلام) الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام).
ولك أن تتصور حالات الذعر والفزع والاضطراب التي مني بها أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، رجالا ونساء وعلى مختلف الأصعدة.