كان الإمام الصادق (عليه السلام) على تمام الحيطة والحذر، يحبط كثيرا من مخططاتهم بأساليبه الحكيمة، حتى إذا استشهد الإمام الصادق (عليه السلام) وقع الاضطراب الشديد في صفوف الشيعة، وقد ذكرنا في مطلع هذا البحث شيئا من ذلك، ومما زاد الأوضاع وخامة ظهور الدعاوى الكاذبة التي ساعدت على زيادة ضغط السلطة على كل من ينتمي لأهل البيت (عليهم السلام) في الفكر والعقيدة. وكادت معالم التشيع أن تنطمس لولا ظهور الإمام الكاظم (عليه السلام) في الوقت المناسب مع حراجة الظروف وخطورتها.
فكانت الفترة التي عاشها الإمام الكاظم (عليه السلام) من أشد الفترات صعوبة، ولا سيما في عهد الرشيد العباسي الذي كان على معرفة بأن الإمام الكاظم (عليه السلام) هو صاحب الحق الشرعي، وأن الشيعة لا ترضى بغيره بدلا.
وإن أشد ما يقض مضجع الحاكم ويؤرق حياته أن يرى أحدا ينافسه على السلطان، فهو إذ ذاك لا يقر له قرار، ولا يهنأ له عيش، ولا يشعر بالأمان حتى يفتك بخصمه أيا كان.
ولم يدر هؤلاء الحكام أن سلطان أهل البيت (عليهم السلام) إنما هو على القلوب والأرواح، فما عهد عن أحد من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أنه سعى للسلطة وتولي الحكم أو حمل سلاحا أو نظم جيشا ليقلب نظاما على صاحبه أيا كان، حتى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) مع أنه كان الإمام والحاكم