قلنا: مات زيد قبل الغدير بسنتين كما أخرجه في " جامع الأصول " فلما لزمتهم بذلك الفضيحة إلى القيامة، نقلوا واقعة زيد إلى أسامة، وللقرينة الحالية من النزول في الهاجرة، وإقامة الرحال، والمقالية من الخطبة والتحريص وإثبات الولاية لنفسه أولى بمنع ذلك الاحتمال.
وحكى سبط ابن الجوزي في الباب الثالث من كتاب " خواص الأئمة " عن كتاب " سر العالمين " للغزالي حين أورد الغزالي حديث الغدير وبخ بخ عمر قال: هذا رضى وتسليم، وولاية وتحكيم، وبعد ذلك غلب الهوى، وحب الرئاسة، وعقود البنود، وازدحام الجنود، فحملهم على الخلاف، فنبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنا قليلا، فبئس ما يشترون (انتهى كلامه) وفيه تبصرة لذي بصيرة.
على أنه لو كان المراد واقعة زيد لم يحتج علي عليه السلام في الشورى بخبر الغدير من جملة فضائله (1) بل كانوا قالوا: وأي فضيلة لك في ذلك؟ وإنما هو لكذا وكذا، ولأن تهنئة عمر تبطل ذلك، ولو سلم أن السبب ذلك لكن جاز أن يعم كغيره من الآيات التي نزلت على أسباب ثم عمت.
إن قيل: فإذا كان معنى " مولى " فرض الطاعة فأطلقوه على الأب والمستأجر؟
قلنا: لا مانع منه لغة لولا أغلبية الاستعمال عرفا، فإن الوالد أولى بتدبير ابنه، والمستأجر أولى باستعمال أجيره.