ولذلك كله كانت التأكيدات النبوية على محاربة هوى النفس، لأن من تمكن من نفسه وسيطر على هواه يكون في منجاة من كل أنواع الضلالة والهلكة.
ثالثا: التسليم لغير المعصوم:
إن من أسباب نشوء البدع: التسليم لمن هو دون المعصوم، وجعله في مصاف مصادر التشريع، لأن غير المعصوم يصيب ويخطئ، وقد يكذب أحيانا فيكون التسليم لقوله واتباعه سببا للانحراف والابتداع والكذب على الله ورسوله.
إن النبي الأكرم محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيين، وكتابه القرآن الكريم خاتم الكتب، وشريعته خاتمة الشرائع، فلا حكم إلا ما حكم به، ولا سنة إلا ما سنه، والخروج عن هذا الإطار يمهد الطريق للمبتدعين.
قال الإمام الباقر (عليه السلام): (يا جابر إنا لو كنا نحدثكم برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ولكنا نحدثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يكنز هؤلاء ذهبهم وورقهم) (1).
إن هناك ظاهرة في حياة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تستحق التأمل، وهي أن أي واحد منهم لم يتلق العلم كما يتلقاه الناس بالتطواف على المدن والحواضر والمدارس وحلقات الحديث، بل إنهم يتوارثون العلم أبا عن جد حتى يتصلون بعلمهم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي شواهد حياتهم ما يبعث العجب للدارس المحايد، حتى لقد تمكن الإمام الجواد (عليه السلام) من أن يفحم