الجانب الأول: إيراد أقوال وأحاديث تؤكد استحباب السفر لزيارة قبره (صلى الله عليه وآله وسلم).
والجانب الثاني: دراسة وتحليل الحديث الذي اعتبره ابن تيمية دالا على حرمة السفر إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
استحباب السفر لزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
يمكن الاستدلال على استحباب السفر لزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدة وجوه، لكننا هنا نقتصر على ذكر مجموعة من آراء علماء السلف القائلة باستحباب السفر للزيارة، بل عدها بعضهم واجبة، وليس لأحد أن ينكر أن السلف من علماء الأمة وعامتها سافروا لزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد أشار إلى هذا الواقع الإمام السبكي، بقوله: " إن الناس لا يزالون في كل عام إذا قضوا الحج يتوجهون إلى زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنهم من يفعل ذلك قبل الحج، هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة... وذلك أمر لا يرتاب فيه، وكلهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه وإن لم يكن طريقهم، ويقطعون فيه مسافة بعيدة وينفقون فيه الأموال، ويبذلون فيه المهج، معتقدين أن ذلك قربة وطاعة، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الأرض ومغاربها على مر السنين، وفيهم العلماء والصلحاء وغيرهم يستحيل أن يكون خطأ، وكلهم يفعلون ذلك على وجه التقرب به إلى الله عز وجل، ومن تأخر عنه من المسلمين فإنما يتأخر بعجز أو تعويق المقادير، مع تأسفه عليه ووده لو تيسر له، ومن أدعى أن هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ فهو المخطئ " (1).