الأمويون لتثبيت سلطانهم، وتبنتها طائفة من المسلمين، الأمر الذي دعا إلى ظهور مقولة مضادة تقف في الطرف الآخر منها، وهي مقولة التفويض المطلق التي قال بها المعتزلة، وطال النزاع الكلامي بين أصحاب المقولتين، فكان لكل منها أتباع يروجون لها، فكانتا سببا في اضطراب عقيدي كبير وفتن واسعة، فتصدى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) للمقولتين معا، في دور طويل من الكفاح في دفع الشبهات، وهداية الناس إلى المحجة البيضاء والصراط المستقيم، ومن كلماتهم (عليهم السلام) في هذين المقولتين:
1 - عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) قالا: (إن الله عز وجل أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون قال فسئلا (عليهما السلام): هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا:
نعم، أوسع مما بين السماء والأرض) (1).
2 - عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (الله تبارك وتعالى أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقونه، والله أعز من أن يكون في سلطانه ما لا يريد) (2).
3 - عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه، رجل يزعم أن الله عز وجل أجبر الناس على المعاصي، فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر، ورجل يزعم أن الأمر مفوض إليهم، فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو كافر، ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم ما لا يطيقون، وإذا أحسن حمد الله، وإذا أساء استغفر الله، فهذا