دفع هؤلاء إلى الابتداع.
إن المبتدع وإن لم يكن متنبئا أو مدعيا للنبوة إلا أن عمله يعد نوعا من أنواع التنبؤ، لأنه يأتي بدين جديد، أو بشئ لم تفرضه الشريعة جزءا من الدين، أو يحذف شيئا جعلته الشريعة جزءا من الدين، وقد دلت روايات كثيرة على هذا المعنى.
إن بعض البدع تنشأ من الهوى، فقد خطب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) الناس، فقال: (أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن: أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، يتولى فيها رجال رجالا..) (1).
إن رغبة الظهور تلعب دورا كبيرا في حياة الإنسان، وإذا ما انفلتت هذه الرغبة من القيود الشرعية، وتركت تنمو وتتصاعد حتى تسيطر على مشاعر الإنسان وتتدخل في رسم سلوكه العام فإنها في نهاية المطاف ستدفع بصاحبها إلى ادعاء المقامات الرفيعة التي تختص بالأنبياء.
روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) مر بقتلى الخوارج بعد معركة النهروان فقال: (بؤسا لكم لقد ضركم من غركم، فقيل له: من غرهم يا أمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): الشيطان المضل، والنفس الأمارة بالسوء، غرتهم بالأماني وفسحت لهم في المعاصي ووعدتهم الاظهار فاقتحمت بهم النار) (2).
قال تعالى: * (... ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله...) * (3).