وأيضا: فإن قياسه زيارة قبور الأنبياء والصالحين على زيارة عامة المساجد، قياس باطل خصوصا بعد أن عرفنا عدم جدوى السفر إلى شئ من هذه المساجد العامة، لعدم تحقق أي فائدة سوى تحمل العناء والتعب، وقد عرفت أن فضيلة أي جامع في بلد هي نفسها في بلد آخر، وليس اكتساب الثواب متوقفا على السفر، وهذا بخلاف المقام، فإن درك فضيلة قبر النبي يتوقف على السفر إليه.
وأما قوله: " إن المسلمين يتخذون قبور الأولياء أوثانا وأعيادا، ويشرك بها " فهذا افتراء كبير على المسلمين الموحدين، فكيف يكون مشركا من يشهد كل يوم بأن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وكيف يتخذ من يشهد بذلك قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وثنا؟ أما ما يصدر من الجهلة المتوهمين للعبادة بما قد يعد من الشرك، فليس بموقوف على هذه الأماكن، بل قد يصدر منهم أنفسهم في بيت الله الحرام والمسجد النبوي أيضا! فلا يصح اتخاذه ذريعة للتحريم، وإلا لوجب تحريم دخول المساجد كلها لأجل ما يفعل أمثال هؤلاء، بل وتحريم الحج نفسه! وهذا باطل لا يقول به عاقل.
تم ما أردنا إيراده عن البدعة مفهوما وشروطا ومصاديق.
والحمد لله رب العالمين