وأرسل معاوية عبد الله بن عامر بن كريز، وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما المدائن إلى الحسن فأعطياه ما أراد، ووثقا له، فكتب إليه الحسن أن أقبل، فأقبل من جسر منبج إلى مسكن في خمسة أيام، وقد دخل في اليوم السادس فسلم إليه الحسن الأمر وبايعه، ثم سارا جميعا حتى قدما الكوفة فنزل الحسن القصر ونزل معاوية النخيلة، فأتاه الحسن في عسكره غيره مرة، ووفى معاوية للحسن ببيت المال وكان فيه يومئذ ستة آلاف ألف درهم واحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة، وكف معاوية عن سب علي والحسن يسمع.
ودس معاوية إلى أهل البصرة فطردوا وكيل الحسن، وقالوا لا يحمل فيئنا إلى غيرنا، يعنون خراج فسا وداراب جرد، فأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم، وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين.
134 - قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا أبو عوانة، عن حصين، عن أبي جميلة: أن الحسن بن علي لما استخلف حين قتل علي فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر. وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد وحسن ساجد، قال حصين وعمي أدرك ذاك. قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهرا ثم برأ، فقعد على المنبر فقال: يا أهل العراق، اتقوا الله فينا، فإنا أمراؤكم وضيفانكم، أهل البيت الذين قال الله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال: فما زال يقول ذاك حتى ما رئي أحد من أهل المسجد إلا وهو يخن بكاء!