إن دراسة الظرف الذي عاشه الإمام الحسن عليه السلام يجعلنا نقطع بعدم إمكانية الاحتمال الأول وهو (الاختيارية) في حقه وتعيين الثاني. ومعه لا مجال للقول بشرعية خلافة معاوية لأجل تنازل الحسن عليه السلام له، فهو يؤخذ به لو كان تنازله طواعية، وليس كرها واضطرارا. ولابد لتعيين الاحتمال الثاني، من النظر في ثلاثة أمور:
1 - حالة قواد جيش الإمام عليه السلام.
2 - أهل الكوفة.
3 - رؤساء القبائل.
الأول: فإن الإمام أرسل في البدء قائدا من كندة في أربعة آلاف مقاتل، توجه إلى الأنبار، فأرسل إليه معاوية بخمسمائة ألف درهم فأخذها وتوجه إليه مع مائتي رجل من خاصته وأهل بيته. ثم أرسل الإمام عليه السلام قائدا من مراد في أربعة آلاف، فكتب لهم معاوية وأرسل له خمسمائة ألف درهم ومناه أي ولاية أحب من كور الشام فتوجه إليه الخرائج. ثم أرسل الإمام عليه السلام ابن عمه عبيد الله بن عباس قائدا على الجيش فضمن له معاوية ألف ألف درهم، يعجل له النصف ويعطيه النصف الآخر عند دخوله إلى الكوفة فانسل في الليل إلى معسكر معاوية! (رجال الكشي إلا أن فيه مائة ألف درهم).
الثاني: إن أكثر أهل الكوفة قد كتبوا إلى معاوية: إنا معك، وإن شئت أخذنا الحسن وبعثناه إليك. البحار 44 / باب 3.
الثالث: كتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالسمع والطاعة له في السر واستحثوه على المسير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن عليه السلام إليه عند دنوهم من عسكره. الإرشاد للمفيد: 2 / 12.