تعلمت أنني ما وصلت (إن وصلت) إلى طريق الحق بكثرة قراءة الكتب، ولا عقلية الرجال الفذة، ولا التفوق في الجدال، بل لأنني شهدت أهل الحق فأحبهم قلبي.. وعرفت الحق بقلبي قبل أن أعرفه بعقلي.. تأملت في نفسي في مواقف الجدال وعرفت معنى المكابرة وتفطنت حينها أن الغرور هو الزعم بالقدرة على تبصير الغير بالحق ولم تعرفه بعد نفسي!!
ليتنا فعلا نعلم حقيقة أنفسنا!! فمتى ما عرفناها وتعاملنا في حياتنا من منطلق هذه المعرفة كفتنا عن الخطأ والزلل.. ألا يقول الحديث الشريف (من عرف نفسه فقد عرف ربه).. فهل عرفنا أننا لو لم نولد شيعة لكنا غالبا كمن نتهمهم في هذه الساحة بالنواصب ولسخرنا أقلامنا وجهودنا في عكس ما نسخره اليوم؟
لماذا إذن لا نتواضع للحق قليلا ونعترف أن تبصرنا لما نبصر ليس لنباهة عقولنا ونبوغ أفهامنا (فمن غيرنا من هو أنبغ منا) بل لأننا ورثنا ما نحن عليه؟ لماذا لا نتعامل مع الخلق من هذا المنطلق إذن وتتسع صدورنا أكثر لما يقولون ما دمنا على الحق كما نقول؟!!
وهل عرفنا كيف أن النفس لا تكره شيئا قدر كرهها للانتقاد وتسفيه الرأي؟ فلماذا إذن لا نطبق هذا في دعوتنا فنترك انتقاد ممارسات وفكر الآخرين لهم؟.. ونكتفي بنقد ذاتنا وعيوبنا لأنفسنا؟..
ونترك المساحة المتصلة بيننا للعمل في التعاون والتعارف والتعلم.. وفي نفس الوقت تحبيبهم إلى مذهبنا عن طريق حسن التمثيل لأخلاق أئمتنا عليهم السلام في تعاملهم مع المخالفين؟
أم هل عرفنا أن النفس لا تدع مجالا للعقل كي يبصر الحق حتى نستجلبها أولا باللطف والمحبة واللين؟