وكذا الإسلام: يقين وإخلاص، فالنبي يقول: من قال: لا إله إلا الله صادقا من قلبه - وفي رواية... مخلصا من قلبه... - دخل الجنة. فطالما أن الدخول في الإسلام عن يقين، فكذلك الخروج منه عن يقين.
وللإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه النافع (السيل الجرار) مقالة طيبة في توكيد هذا المعنى وشرحه وبيانه، لا بد من سياقها، يقول رحمه الله: " اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة أن: من قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما هكذا في الصحيح وفي لفظ آخر في الصحيحين وغيرهما: من دعا رجلا بالكفر أو قال: عدو الله، وليس بذلك إلا حار عليه. أي رجع. وفي لفظ في الصحيح فقد كفر أحدهما.
ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير وقد قال الله عز وجل: (ولكن من شرح بالكفر صدرا) فلا بد من شرح الصدر بالكفر، وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه. فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشر، لا سيما الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام، ولا اعتبار بصدور فعل كفري لم يرد به فاعله الخروج عن الإسلام إلى ملة الكفر، ولا اعتبار بلفظ تلفظ به المسلم يدل على الكفر وهو لا يعتقد معناه " ا ه.
أقول: هذا هو المنهج المحكم المتين المنضبط الذي به تأتلف الدلائل ولا تختلف، وعليه تتفق البراهين ولا تفترق.