وأخطر ما في كلامك هو نقلك لكلام الشوكاني وإقراره، وزعمك أن الأدلة تدل عليه وكلام الشوكاني هذا هو من الباطل الذي لا يقبل بحال.
وقد قاله في السيل الجرار ونقله صديق حسن في الروضة الندية، والسيد سابق في فقه السنة، وكثير ممن كتب في العذر بالجهل.
ومن فهم من آية النحل (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا) من فهم منها أنه يشترط في الكفر انشراح الصدر به، فقد قال قولا منكرا، وفهم فهما خاطئا قطعا.
فإن هذا الشرط هو في حق المكرهين فقط، كما هو نص الآية، فمن أكره على الكفر فقال كلمة الكفر لم يكفر، إلا أن كان قلبه أثناء الاكراه منشرحا بالكفر راضيا به.
ولشيخ الإسلام بيان واضح في هذه المسألة، وفي تفسير هذه الآية ذكره في كتاب الإيمان في موضعين وفي الصارم المسلول، ولعلي أنقله لك إن شاء الله.
ومن خلطك في هذه المسألة: أنك تستدل لكلام الشوكاني بقصة ذات أنواط، وأنه لم يكفروا لعدم علمهم، وبغض النظر عن صحة الاستدلال بالقصة على عذر الجاهل إلا أني أقول: فرق بين العذر بالجهل واشتراط قيام الحجة، وبين اشتراط انشراح الصدر بالكفر أو قصد القلب، فإن من أقيمت عليه الحجة، صار كافرا، أما صدره وقلبه: فمنهم من يكون راضيا بالكفر شارحا صدره به. ومنهم من يكون غير راض به، لكن فعل الكفر خوفا على مال أو مشحة بوطن أو استكبارا وعنادا مع كراهيته للكفر، على أنه لا سبيل إلى معرفة ما في صدره من انشراح أو غيره إلا أن يصرح بلسانه، فصار المناط المكفر هو قول اللسان، لا ما في القلب!!