البلاغي (المتوفى 1352 ه) فقال: الإسلام للناس ونظام اجتماعهم كالمطر الصيب فيه حياتهم وسعادتهم في الدارين وزهرة الأرض بالعدل والصلاح والأمن وحسن الاجتماع، ولكن معاندة المعاندين للحق وأهله جعلت الإسلام كالمطر لا يخلو من ظلمات شدائد وحروب ومعاداة من المشركين ورعود قتل وقتال وتهديدات مزعجات لغير الصابرين من ذوي البصائر والذين أرخصوا نفوسهم في سبيل الله ونيل السعادة، وفيه بروق من النصر وآمال الظفر واغتنام الغنائم وعز الانتصار والمنعة والهيبة. فهم إذا سمعوا صواعق الحرب أخذهم الهلع والحذر من القتل وشبهت حالهم في ذلك بأنهم (يجعلون أصابعهم في آذانهم من) أجل (الصواعق حذر الموت) وخوفا من أن تخلع قلوبهم من هول أصواتها، وسفها لعقولهم أين يفرون عن الموت وماذا يجديهم حذرهم والله محيط بالكافرين. (1) وهذان التقريران يرجعان إلى التطبيق المفرق كما عرفت.
البيان الثاني: التطبيق المركب، وهو إن الغاية من وراء هذا التمثيل أمور ثلاثة ترجع إلى بيان حالة المنافقين.
وقبل أن نستوعب البحث عنها نذكر نص كلام الزمخشري في هذا الصدد.
قال الزمخشري: والصحيح الذي عليه علماء البيان لا يتخطونه أن التمثيلين جميعا من جملة التمثيلات المركبة دون المفرقة لا يتكلف لواحد واحد شئ يقدر شبهه به وهو القول الفصل والمذهب الجزل. (2) إذا عرفت ذلك، فإليك البحث في الأمور الثلاثة: