الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٦٤
القلوب. سلام على من تجرعت غصص الآلام والمآسي، وما لا تقوى على احتمالها الجبال الرواسي.. فأصبحت للبلايا قبلتها، وللرزايا كعبتها. سلام على من شاطرت أمها الزهراء، في ضروب المحن والأرزاء، ودارت عليها رحى الكوارث والبلاء، يوم كربلاء. سلام على من عجبت من صبرها ملائكة السماء، سلام على من فجعت بجدها وأبيها، وأمها وبنيها، والخيرة من أهلها وذويها.
ولا نستطيع أن نقول إن ذلك دون أن تسعفها الرحمة الحسينية بالرعاية والتوجيه، وشد القلب على الصبر، والتسليم لله عز وجل والرضى عنه، حتى إذا قال لها عبيد الله بن زياد: كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟ أجابته قائلة: ما رأيت إلا جميلا.. هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أمك يا ابن مرجانة (1)!
ونعود إلى الشيخ جعفر التستري لنسمع منه مقالته في الرحمة الحسينية، حيث يقول:
(باب رد العادية وإغاثة اللهيف) له عليه السلام من هذين المستحبين ما لم يتحقق لغيره منذ صارت من المستحبات، فقد رد العادية لما صرخن النساء حين الإحاطة بهن بأحسن رد، فقال لهم: اقصدوني بنفسي، يعني اشتغلوا بضربي بالسيوف، ورميي بالسهام، واتركوا حرمي. وقد أغاث اللهيف لاثنين وسبعين مغيثا من أصحابه حين كانوا ينادونه إذا صرعوا ليحضر عندهم، فأغاثهم كلهم، وسبعة وعشرين مغيثا من أهل بيته.

(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست