الحسين عليه السلام، وبقائه وحيدا في ساحة المعركة:
تقدم الحسين عليه السلام نحو القوم مصلتا سيفه، فدعا الناس إلى البراز، فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتى قتل جمعا كثيرا (1).
وبعد أن قتل مقتلة عظيمة صاح عمرو بن سعد: هذا ابن الأنزع البطين، هذا ابن قتال العرب، احملوا عليه من كل جانب. فصوبت نحوه أربعة آلاف نبلة، فحمل عليه السلام على الميمنة حملة ليث مغضب، وجراحاته تشخب دما، ثم حمل على الميسرة (2)، فتطاير العسكر من بين يديه، واتجهوا نحو الخيام... ثم ازدحم عليه العسكر، واستحرى القتال وهو يقاتلهم ببأس شديد، وشجاعة لا مثيل لها.
قال عبد الله بن عمار بن يغوث: فوالله ما رأيت مكثورا قط، قد قتل ولده، وأهل بيته وصحبه، أربط جأشا منه ولا أمضى جنانا، ولا أجرأ مقدما ولقد كانت الرجال تنكشف بين يديه إذا شد فيها، ولم يثبت له أحد (3). وفي رواية أخرى: فوالله ما رأيت مكسورا قط، قد قتل ولده، وأهل بيته وأصحابه، أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه، ولا أجرأ مقدما، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، أن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب (4).
قال ابن الأثير: المكثور المغلوب، وهو الذي تتكاثر عليه الناس (5)،