الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٦٦
الصادق عليه السلام قال: لما شيع أمير المؤمنين عليه السلام أبا ذر، وشيعه الحسن والحسين عليه السلام وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر (رض)، قال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: ودعوا أخاكم فإنه لا بد للشاخص من أن يمضي، وللمشيع من أن يرجع، قال: فتكلم كل رجل منهم على حياله، فقال الحسين بن علي عليه السلام: رحمك الله يا أبا ذر! إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء لأنك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم، فما أحوجك غدا إلى ما منعتهم، وأغناك عما منعوك!
فقال أبو ذر رحمه الله: رحمكم الله من أهل بيت، فما لي في الدنيا من شجن غيركم، إني إذا ذكرتكم ذكرت رسول الله صلى الله عليه وآله.
عبارات هي بلسم شاف لجراحات أبي ذر، قومته، وشدت عزيمته، وصبرته، وقوت شكيمته، فواصل جهاده جهاد الكلمة الحقة العادلة، لا تأخذه في الله لومة لائم.. حتى توفي وفيا للإسلام ناصحا مخلصا للمسلمين.
وكتب الإمام الحسين عليه السلام إلى عبد الله بن العباس حين سيره (عبد الله بن الزبير) إلى اليمن: أما بعد، بلغني أن ابن الزبير سيرك إلى الطائف، فرفع الله لك بذلك ذكرا، وحط بك عنك وزرا، وإنما يبتلى الصالحون. ولو لم تؤجر إلا فيما تحب لقل الأجر. عزم الله لنا ولك بالصبر عند البلوى، والشكر عند النعمى، ولا أشمت بنا ولا بك عدوا حاسدا أبدا، والسلام (1).
هذه هي الرحمة الحسينية، ولكن لنذهب إلى كربلاء لنجدها صورا تتجاوب معها اللواعج والدموع..
لما عرف الإمام الحسين عليه السلام من أصحابه صدق النية والإخلاص

(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست