عليه.
لقد جاء الحسين عليه السلام بهذا الركب القدسي من أهل بيته النجباء ليقدمهم قرابين لله تعالى فداء لدينه الأقدس، ورحمة بالأمة كي تنتفع بدمائهم، وائتمارا بما يريد الله تعالى ويرضى.. وقد قال (عليه السلام): شاء الله أن يراني قتيلا، ويرى النساء سبايا. هذا ما بلغ به أخاه محمد بن الحنفية (1)، أما ما قاله لأم المؤمنين (أم سلمة) رضوان الله عليها فهو: يا أماه! وأنا أعلم أني مقتول مذبوح، ظلما وعدوانا، وقد شاء عز وجل أن يرى حرمي ورهطي مشردين، وأطفالي مذبوحين مأسورين مقيدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا (2).
فقدم الحسين عليه السلام كل شئ لله، لأجل أن تسمع صرخته آذان النائمين والغافلين، والذين خدرتهم الدنيا. فبتضحياته تلك.. استطاع أن يثبت للأمة بأن الخلافة بيد أعداء الاسلام، وأن الدين في خطر، وأن بني أمية لا يتورعون عن تحريف الرسالة المحمدية، وعن استئصال أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وأهل بيت الوحي والرسالة، وعن التنكيل بحرم المصطفى وبناته. وبذلك عين الإمام الحسين عليه السلام للأمة - رحمة بها - تكليفها، لتنجو بأدائه من غضب الله عز وجل.
ومن أجل ذلك.. قدم أهل بيته وأصحابه، حتى الطفل الرضيع، فتقدم وهو يتأذى لعويل الأيامى وصراخ الأطفال، فأمر عياله بالسكوت وودعهم، وتقدم يقتل بسيفه أعداء الله حتى أردى منهم جمعا كثيرا، ثم عاد إلى عياله