الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٦٨
صلى الله عليه وآله، وعرف بينه وبين آل محمد صلى الله عليه وآله. فكان من يمر بالمعركة يشم منه رائحة طيبة أذكى من المسك (1).
وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي شيخا كبيرا، صحابيا، رأى النبي صلى الله عليه وآله وسمع حديثه وشهد معه بدرا وحنينا، فاستأذن الحسين وبرز شادا وسطه بالعمامة، رافعا حاجبيه بالعصابة، ولما نظر إليه الحسين عليه السلام بهذه الهيئة بكى وقال: شكر الله لك يا شيخ. فقتل على كبره ثمانية عشر رجلا وقتل (2).
ولما استشهد جنادة الأنصاري جاء ابنه عمرو - وهو ابن إحدى عشرة سنة - يستأذن الإمام الحسين عليه السلام فأبى، وقال: هذا غلام قتل أبوه في الحملة الأولى، ولعل أمه تكره ذلك، فقال الغلام: إن أمي أمرتني. فأذن له فقتل.. فأخذت أمه عمودا. وقيل سيفا. فردها الحسين عليه السلام إلى الخيمة بعد أن أصابت بالعمود رجلين، وهي تنشئ:
إني عجوز في النسا ضعيفة * خاوية بالية نحيفة أضربكم بضربة عنيفة * دون بني فاطمة الشريفة (3) وقال عليه السلام لبشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرمي: إن ابنك قد أسر في ثغر الري، فقال بشر: عند الله أحتسبه ونفسي.. فلما سمع الحسين عليه السلام مقالته قال: رحمك الله، أنت في حل من بيعتي، فاذهب واعمل في فكاك ابنك. قال بشر: أكلتني السباع حيا إن أنا فارقتك، فقال عليه السلام له:
فأعط ابنك محمدا هذه الأثواب البرود - وكان معه - ليستعين بها في فكاك

1 - مقتل العوالم: 88.
2 - ذخيرة الدارين: 208.
3 - مقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي 2: 22.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست