ثم أخذ لسان ولده فمصه، ودفع إليه خاتمة ليضعه في فيه (1).
فعاد (علي) إلى الميدان مبتهجا بالبشارة حتى قتل عددا كبيرا من أعداء الله. وبعد أن قتل عبد الله بن مسلم بن عقيل حمل آل أبي طالب حملة واحدة، فصاح بهم الحسين عليه السلام: صبرا على الموت يا بني عمومتي! والله لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم (2). وكان النداء الحسيني الرحيم يقع على قلوبهم موضع المطمئن المسكن، فيصبرهم ويشد عزائمهم على الأمر العصيب.
وحين خرج ابن أخيه (القاسم بن الحسن) وهو غلام لم يبلغ الحلم، نظر إليه الحسين (عليه السلام) واعتنقه وبكى (3)، نظر إليه وهو بقية أخيه السبط الشهيد أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام)، ولولا إصراره على النزال ما أذن له عليه السلام، ولكن هذا الغلام الغيور لم يصبر أن يرى أعداء الله يقتلون أولياء الله.. حتى إذا استشهد قام عمه على رأسه وقال: بعدا لقوم قتلوك، خصمهم يوم القيامة جدك. ثم قال: عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك. ثم احتمله فألقاه مع ولده علي الأكبر (4).
ورفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم أحصهم عددا، ولا تغادر منهم أحدا، ولا تغفر لهم أبدا. صبرا يا بني عمومتي! صبرا يا أهل بيتي! لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا (5).
ولما استشهد أخوه أبو الفضل العباس (سلام الله عليه) حضر عنده، وبكى