والحديث والتفسير تتفق على فرار عثمان في معركة بدر (1).
ولم تتمكن المؤسسة الأموية من الوقوف أمام تلك الأحاديث المتواترة.
وقد حدثت معركة بدر في السنة الثانية للهجرة.
وفي السنة الثالثة للهجرة حدثت معركة أحد، وفي تلك السنة فر عثمان بن عفان فرارا لم يفره باقي الصحابة إذ عاد بعد نهاية الحرب بثلاثة أيام لذهابه إلى منطقة الجلعب فقال له ولصحبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
لقد ذهبتم بها عريضة (2).
وفي هذه الحادثة الثانية أيضا كانت الأحاديث متواترة والأخبار شائعة بما لا مجال للشك والطعن فيها فذكر فرار عثمان في معركة أحد الكتاب الأمويون وغيرهم.
فأصبح عثمان الأموي معروفا بالهزيمة بين صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن الطبيعي أن يكون مهانا ومطرودا عن المنزلة الرائدة والفاضلة التي حصل عليها سائر المسلمين المشاركين في تلك المعركتين.
ومن الطبيعي أن تكون نظرة المسلمين له نظرة شك وريبة سيما وإنه من أعوان القرشيين عامة والأمويين خاصة، ودعمت هذه النظرية وجود أبي سفيان الأموي زعيما لقريش وقائدا لجيشها.
فكثرت وازدادت النقمة الإسلامية على عثمان الفار في معركتين عظيمتين بين الموحدين والكافرين وشاعت الطعون عليه فلم يتمكن من القضاء عليها حتى في أيام حكومته، رغم مرور أكثر من ثلاثين سنة على هاتين الواقعتين.
ورغم القوة القاهرة التي كان يتمتع بها والمعتمدة على البطش والقتل والتبعيد وقطع الموارد المالية والطرد من المناصب الحكومية عيره الصحابة في خلافته بانتهاكاته العديدة للتشريع الإسلامي والدماء الكثيرة التي هدرها.