وأعجب من ذلك امتناع حفار قبور المهاجرين عن حفر قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
إذ ذهب أبو عبيدة بن الجراح إلى السقيفة لوضع حجر الأساس لخلافة قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن يكون هو ثالث الخلفاء (1)!.... يا للمصيبة.
ولما امتنع ابن الجراح عن ذلك اضطر بنو هاشم لدعوة حفار قبور الأنصار أبي طلحة زيد بن سهل ليحفر قبرا للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)!! (2) وقد كان ابن الجراح من دهاة قريش المتربصين للوصول إلى سدة رئاسة المسلمين وقد ذكره المغيرة بن شعبة قائلا: داهيتا قريش أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح (3).
وكان المسلمون يسمون كلا من المغيرة وعمرو بن العاص بالداهية.
ولما قتل المغيرة بن شعبة مسلما في حصار الطائف مكرا قال صحابي عنه: إنه داهية ولما كذب أحد المنافقين معجزة المطر في حملة تبوك قال عمارة بن حزم عنه:
إن في رحلي لداهية (4).
وبعد اطلاعنا على ترك الحزب القرشي لمراسم جهاز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نقول:
إن العداء بين الحزب القرشي ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتوقف بل استمر واستفحل وأفضل مصداق لذلك حادثة العقبة، وحادثة الامتناع عن الالتحاق بحملة أسامة، وحادثة يوم الخميس، وحادثة منع دفن جثمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحادثة الامتناع عن المشاركة في مراسم دفنه. ونظرية رفض ثقل أهل البيت: بقولهم: حسبنا كتاب الله، وحادثة منع تدوين حديثه (صلى الله عليه وآله وسلم).