الصوفية أصحاب المقامات العالية ": لقد اشتهر عن الصوفية انهم يقلبون الحصى جوهرا، والحطب ذهبا، ونشارة الخشب دقيقا، والرمل سكرا، وماء البحر سمنا، ونقل ان صوفيا مات في سفينة فجف ماء البحر، حتى لم يبق منه قطرة، فنزل الركاب من السفينة، وحفروا للصوفي ودفنوه، فلما فرغوا من دفنه استوى الماء، وارتفعت السفينة، فركبوا وساروا..
وقد وضع القدامى العديد من المجلدات الضخمة في أمثال هذه " الكرامات " وأكثرها مطبوع، وكان انتشار هذه " الكرامات " عاملا قويا في القضاء على التصوف والمتصوفين، فلقد كان لهم مكانة في القلوب، ووجاهة عند الناس، ثم انتكسوا وضعف امرهم، حيث انتسب إليهم الأدعياء الذين تجاوزوا كل حد في الكذب والتدليس، فبعد ان كانت الكرامات معقولة مقبولة، كاستجابة الدعاء في شفاء مريض، والنجاة من بعض المخاطر، وما إلى ذاك، مما يتفق للصالحين وغيرهم، من ذوي النوايا الحسنة، أصبحت من النوع الذي ينفر منه السمع، ويأباه الطبع.
ومن الأسباب التي عجلت بانقراض الصوفية انغماس المنتمين إليهم في المحرمات والشهوات، وظهور أمثال القلندرية، حتى لم يبق معنى للتصوف عند هؤلاء ومن إليهم الا التكدي واستعمال البنج والأفيون (1).