الأئمة والأولياء؟ لماذا زهدوا في الدنيا، ورضوا منها بالكفاف، أو بما دونه؟ هل لأن التنسك حسن وخلق كريم، يطلب لذاته كغاية لا كوسيلة إلى غيره؟ أو ان الأنبياء والأولياء تنسكوا، لأن الدنيا ليست بالشئ، ما دامت ممرا لا مقرا، أو " كمنزل راكب أناخ عشيا وهو في الصبح راحل " فهي، وهذه حالها، لا تستأهل العناية والاهتمام، أو انهم تنسكوا لأن التنسك يفتح لهم أبواب المعرفة إلى حقائق الغيب وعالم المكوث، كما يقول أصحاب التصوف النظري، أو لأنهم أرادوا أن يقدروا أنفسهم بالضعفاء والبؤساء؟..
وبديهة ان افعال الأنبياء ليست كافعال الناس تفتقر إلى أدلة تبررها، بل هي بنفسها الحجة والدليل والمقياس الذي تقاس به الحقائق، ويعرف الخطأ من الصواب، هي الهدي والنور الذي يهدي للتي هي أقوم.
الجواب:
ان الزهد والتنسك غير مطلوب ولا محبوب في ذاته، فقد نهى الله سبحانه عن حرمان النفس مع القدرة والاستطاعة، فقال عز من قائل: " ولا تنسى نصيبك من الدنيا " وقال:
" لا تحرموا طيبات ما أحل الله " وقال: " قل من حرم زينة الله التي اخرج لعبادة والطيبات من الرزق " وقد تعوذ النبي (ص) من الفقر، كما تعوذ من الشيطان، وقال علي (ع) لولده محمد:
يا بني اني أخاف عليك الفقر، فاستعذ بالله منه، ولا شئ أدل