على أن الزهد ليس بالمكانة القصوى عند أئمة العلم والدين من قول الإمام الباقر: " أعلى مراتب الزهد أدنى مراتب الورع ".
واما وصف الدنيا بأنها حلم وممر فلا يستدعي اهمالها وعدم العناية بها، وإذا كانت حلما فلتكن حلما عذبا لا عذابا، وممرا سهلا لا عسر فيه، وإذا كانت لا تعادل عند الله شيئا، لأنه في غنى عنها فنحن في أشد الحاجة إليها، لأننا منها، وهي منا، ومن هنا كان لإغاثة الملهوف وعمل المبرات والخيرات المنزلة الأولى عند الله، وكان أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. ان في الانسان، أي انسان - ولو معصوما - رغبة ذاتية في الاستمتاع بالحياة وملذاتها، نقل صاحب سفينة البحار في مادة " كبد " عن كتاب مصباح الأنوار ان أمير المؤمنين عليا اشتهى كبدا مشوية في خبزة لينة، فذكر ذلك لولده الحسن، فصنعها له، وكان صائما، فلما أراد ان يفطر قدمها اليه، وما ان مد يده، حتى وقف سائل في الباب، فقال: يا بني احملها اليه. ومن ذا الذي لا يريد أن تكون له زوجة شابة جميلة عفيفة موافقة، تقدم له طبقا فيه ما لذ وطاب؟!.
ان هذا وما اليه ليس محظورا، ولا مكروها، وانما المحظور ان تأخذ ما ليس لك بحق، وان تتنعم على حساب غيرك.
وأما ان الأنبياء تنسكوا توصلا إلى معرفة الحقائق فبعيد عن الصواب، لأنهم في غنى عن ذلك ما دام الوحي ينزل عليهم من السماء تلقائيا بدون عملية التفكير، ولا رياضة النفس التي