النفس الامارة التي ترمز إليها لفظة فرعون، والنفس المطمئنة التي عبر عنها بلفظه موسى، وان معنى يذبحون أبناءكم، يذبحون فيكم الصفات الحميدة، ومعنى يستحيون نساءكم يستبقون الشهوات الحيوانية، وقالوا في تفسير قوله تعالى: " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ": ان الانسان قبل ان يوجد كان صائما عن الأهواء، وبعد ان وجد كتب عليه ان يكون بعد وجوده، كما كان قبل وجوده!...
اما قول الرسول (ص) صوموا للرؤية، وافطروا للرؤية فمعناها امسكوا العقول عما يصرفها عن الله، فإذا رأيت الله فلا يضركم ان تأكلوا وتشربوا، وفسروا قوله تعالى: " انزل من السماء ماء فسالت أدوية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا " فسروا الماء بالعلم، والأدوية بالقلوب، والزبد بالضلال، إلى غير ذلك من الأوهام والتخيلات.
وقد يستحسن القارئ شيئا من هذا التفسير والتأويل، حيث يسمو بالانسان عن الظواهر والاشكال، ويكشف له عن أشياء جديدة وعميقة، ولكن الاستحسان شئ، ودلالة اللفظ شئ آخر، فقولك: النظام خير من الفوضى حق وحسن في نفسه، ولكن لفظة حجر وحديد لا تدل عليه من قريب أو بعيد.