ان أنتجت فلا تنتج يقينا كالوحي الذي لا يقبل الشك والريب.
فلم يبق لزهدهم وتنسكهم من سبب الا الرغبة في المساواة بينهم وبين المستضعفين والمحرومين، والا الثورة على الذين لا يعبئون باي من قيود الدين والاخلاق. ان الانسان يندفع بفطرته نحو السعادة بشتى معانيها، سواء في ذلك العارف المخلص وغير المخلص، والفارق الوحيد بين الاثنين ان المخلص يحترم هذا الدافع والشعور عند غيره، ويفسح له مجال العمل. والسعي لتحقيق هذه السعادة، بل يجاهد، ويكافح، ليحقق الخير للجميع بدرجة متساوية بين الناس جميعا، فالسعادة في نظره امر عام لا خاص، فإذا لم تتحقق بمعناها الشاكل الكامل انصرف عن الاهتمام بنفسه، وساوى الضعفاء في بؤسهم وشقائهم، اما الانتهازي المحترف فعلى العكس، لا يرى السعادة الا في الاستئثار والاحتكار.
وبعبارة ثانية ان الخيرين ينظرون إلى جميع الناس كأسرة واحدة في بيت واحد، يستوون في الهناء والشقاء، فان استطاعوا ان يحققوا السعادة للجميع فذاك ما يبتغون والا قدروا أنفسهم بالضعفاء. قال العلاء بن زياد الحارثي للإمام علي (ع)، وكان من أصحابه، قال له: أشكو إليك أخي عاصما. قال: ما له؟
قال: لبس العباءة، وتخلى عن الدنيا. قال: علي به. فلما جاء، قال له: يا عدو نفسه، لقد استهام بك الشيطان، اما رحمت أهلك وولدك؟! أترى الله أحل لك الطيبات، وهو يكره ان