ومسبب، وفاعل ومنفعل، فالضوء فاعل لأنه يهيئ للسير على الطريق، ومنفعل لان المشئ يهيئ لإضاءة الجزء التالي منه.
وقال الإمام علي مشيرا إلى ربط المعرفة بالتصوف: ان الله جعل الذكر جلاء للقلوب، تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العشوة، وتنقاد به بعض المعاندة ". وقال: ان من أحب عباد الله اليه عبدا اعانه الله على نفسه، فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في قلبه " فقد جعل اتصالا بين طاعة الله وبين المعرفة، كما ربط بين المعصية، وبين الجهل في قوله: " من قارف ذنبا فارقه عقل لا يعود اليه ابدا ".
إلى غير ذلك من تعاليمه التي تربط بين كل صفة وما يناسبها من الصفات، فالفضائل عند الامام متآخية متشابكة يدعوا بعضها إلى بعض، وتطرد كل خلق ما يضاده من الاخلاق الرذيلة، تماما كالجسم القوي السليم يقاوم الأسقام، ويزداد قوة ونشاطا، وجاء في القرآن الكريم آية 17 من سورة محمد: " والذين اهتدوا زادهم هدى ".
أم الرذائل فهي كأمراض الجسم، يؤدي بعضها إلى بعض، قال تعالى في الآية 126 من سورة التوبة: " واما الذين في قلوبهم مرض فزادهم رجسا إلى رجسهم " ولما كانت تعاليم الامام متخمة بالحث على الزهد والتقوى، وتربط بين المعرفة ومجاهدة النفس، وكانت الدنيا عنده أحقر من عفطة عنز - كما قال - اجتذبته إلى نفسها كل فرقة من فرق التصوف، وانتسبت اليه مدعية انها تستقي من معينه، وتستمد من تعاليمه.