لا تسنن ولا تشيع في التصوف:
ليس التصوف علما كالفقه، كي ينقسم المختلفون فيه إلى مذاهب، كما هو الشأن في اختلاف الأحناف والشافعية والمالكية والحنابلة، ولا هو أصل من أصول العقيدة، حتى تتعدد الفرق على أساس الاختلاف فيه. ان الفارق الوحيد بين السنة والشيعة هو نص النبي بالخلافة على الإمام علي، فمن أثبته فهو شيعي، ومن نفاه فهو سني، ولا علاقة للتصوف بشتى معانيه بذلك، فالشيعة منهم المتصوف وغير المتصوف، وكذلك السنة، والمتصوفون منهم السني، ومنهم الشيعي، ولكن متصوفي السنة أكثر من متصوفي الشيعة، فقد نقل المستشرق نيكلسون عن عبد الله الأنصاري أنه قال: كان من الفي شيخ صوفي عرفتهم شيعيان اثنان لا غير.
وبهذا يتبين مكان الخطأ فيما نقل عن أبي المظفر الإسفراييني من أن التصوف مذهب من مذاهب أهل السنة، كما يتبين الخطأ في قول من عد المتصوفة فرقة مستقلة عن سائر الفرق الاسلامية، فقد كان الغزالي صوفيا أشعريا، وابن سينا صوفيا اماميا، وغيرهما صوفيا معتزليا، وكان ابن عربي يدين بالحب الذي يشمل جميع الأديان، وقد أسلفنا ان التصوف وجد في جميع الأديان من اقدم العصور، اجل، ان الطريق الصوفية وأسلوبهم في الاستدلال، واكتساب المعارف يختلف عن طريق الفلاسفة والمتكلمين، أما عقائدهم فقد تتفق معهم، وقد تختلف.