بالمثل الإلهية، ومن خصائصها انها لا تفسد ولا تندثر، فهي أبدية أزلية، والذي يفسد ويندثر هذه الكائنات المشاهدة، وقد فسرت هذا المثل بتفاسير، شتى متناقضة متضاربة، نختار منها تفسير الفيلسوف، الشهير محمد بن إبراهيم المعروف بالملا صدرا، هذا مع الاعتراف بان اختيارنا لتفسيره لا يستند إلى دراسة وافية، ثم المقارنة بين ما قيل حولها، واختيار الأصح والأرجح، وانما اخترنا قول هذا الفيلسوف لشهرته، والثقة بمكانته، وتبحره في هذا الفن، فنحن في مسألة المثل، الأفلاطونية مقلدون لا مجتهدون، وتتخلص أقوال الملا صدرا، كما جاءت في الجزء الثاني من السفر الأول من كتاب الاسفار.
بأن لكل نوع من أنواع الكائنات افرادا عديدة، منها هذه الافراد المشاهدة التي يعرض لها الفساد والعدم، ومنها فرد واحد تام كامل يوجد في عالم الجبروت والابداع، أي عالم ما وراء المادة، وهذا الفرد الكامل، لا يفتقر إلى شئ، ولا يتغير ولا يتبدل، وهو الأصل والمبدأ لسائر افراد النوع التي تفسد وتزول.
وان قال قائل: كيف يكون للنوع فردان: أحدهما كامل قائم بنفسه، والآخر ناقص قائم بغيره؟! وهل يمكن وجود قاسم مشترك يجمع بين شيئين متناقضين؟
قال صاحب الاسفار في جوابه: لا مانع ابدا أن يصدق العام على افراد تتفاوت نقصا وكمالا ما دام الكمال في الحقيقة والجوهر، والنقص في العرض والنسبة إلى المحل.