أحاديث كثيرة في ذم التصوف والمتصوفين بهذا المعنى، والمعنى الذي قبله، وان الصوفية " قطاع طريق المؤمنين، والدعاة إلى نحلة الملحدين، وانهم حلفاء الشيطان، ومخربوا قواعد الدين، يتزهدون لراحة الأجسام، ويتهجدون لصيد الأنام، ولا يتبعهم الا السفهاء، ولا يعتقد بهم الا الحمقاء ".
اما أن يكون التصوف سببا من أسباب المعرفة، وطريقا لبعض المجهولات، اما ان يلهم القلب الزكي بنوع من الحقائق فله مصدر واضح في الاسلام، ويمسى هذا التصوف بالتصوف النظري، وبعلم القلب، ولعلاقته بالمعرفة دخل في الفلسفة، وكان بابا من أبوابها، وموضوعا من موضوعاتها، ويشهد لهذا الارتباط، قول الرسول الأعظم: " من علم وعمل أورثه الله علم ما لم يعلم " حيث جعل العمل سببا للعلم، تمام كالعلم الذي هو سبب معد للعمل، ويتفق هذا الحديث مع النظرية القائلة ان المعرفة تخضع للنشاط العلمي، كما يخضع العمل للمعرفة - مثلا - إذا تعلمت مهنة، وباشرت العمل بنفسك، ومضيت مستمرا في ممارستها تفتحت آفاق جديدة تدعوك إلى عمل جديد، وإذا تابعت حصلت لك معرفة أخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية، فالعلم والعمل أشبه برجل يسير في ظلمة حالكة، وفي يده مصباح فالمصباح يضيئ له الجزء الأول من الطريق، فيقطعه الرجل بسلام، فإذا انتهى منه يصير المشي سببا لإضاءة الجزء الثاني، فيقطه الرجل، كما قطع الجزء الأول، وهكذا يحصل التفاعل بين متابعة السير والإضاءة، حتى النهاية فكل منهما سبب