ومعنى قول الإمام علي: " اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل ". وحمل المسابح ولبس المرقعات وعقد الحلقات ليس في شئ من العمل عند الله وعند الناس.
اذن التصوف شئ، والزهد شئ آخر، وأيضا ليس التصوف من الشعائر والعقائد الدينية، ولا من التقاليد السائدة والنظم الاجتماعية، ولا هو حقيقة طبيعية تفرض نفسها فرضا، وانما هو بأساليب التربية أشبه، نقول هذا، مع العلم بأن التصوف بمعناه الشامل لكل فئة تتسم به، وتنتمي اليه لا يجمعه حد ولا رسم، لان المتصوفة على أنواع، فمنهم من هام بحب الله، ومنهم من يدعي الاتصال المباشر بالله، ومنهم القائل بالاتحاد مع الله، وآخر قال بحلول الله فيه وفي غيره، ومنهم من يقول بالكشف والاشراق، وما إلى ذلك، فالتصوف اذن بمعناه الشامل لجميع النزعات والاتجاهات ليس مذهبا محدود المعالم والمقاصد، وبالتالي فلا يمكن الإشارة اليه بحد جامع مانع.
وقد ذكر له تعاريف شتى أنهاها بعضهم إلى نيف وسبعين تعريفا، ومهما يكن فنحن نشير اليه بأنه الانتصار على النفس، والتغلب على ميولها وأهوائها عن طريق التدريب والتهذيب، تماما كترويض الحيوان المفترس على الوداعة، فيصبح وادعا مسالما بعد إن كان شريرا مخاصما.