لقد صار قلبي قابلا كل صورة * فمرعى لغزلان ودير لرهبان وبيت لأوثان وكعبة طائف * وألواح توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحب انى توجهت * ركائبه فالحب ديني وايماني وشطح بعض الصوفية القائلين بالاتحاد، ولم يقف عند حد، وألف بين الكفر والايمان، واعتبرهما سواء عند الله، وأعطانا هذه الصورة الشعرية، قال: الكفر والايمان كصفار البيضة وبياضها، يقوم بينهما حاجز لا يتجاوزانه، وحين طوى ذو الجلال البيضة تحت جناحيه اختفى الكفر والايمان، واتحدا في طائر واحد ذي جناحين (1).
وإذا صرفنا النظر عن النصوص الدينية، وافترضنا انها لا تؤيد ولا تفند التصوف، ونظرنا إلى اهتمام الأمم به منذ اقدم العصور، كالبراهمة والصابئة والبوذية والمانوية والمسيحية، لو فعلنا هذا لألفينا التصوف شرعة عالمية، وفلسفة انسانية، وهذا يدعونا إلى الظن ان لمجاهدة النفس وتزكية القلب اثرا معقولا، ونوعا من الارتباط بينه وبين المعرفة وكشف الحجب، فمن الحمق والجهل ان ننفي هذا الأثر والارتباط " ضربة واحدة " وندعي بطلانه جملة وتفصيلا، بخاصة أن العلم لا يقر الاحكام النهائية المطلقة سلبية كانت أو ايجابية.