وليس جميع أفراد الفئة المسلمة في معرفة الله وصفاته على حد سواء، بل: لكل امرئ منهم نصيب يخص به، وحظ لا يشاركه فيه غيره، ومبلغ من العلم بذلك لا يدانيه أحد. ولكل فرد شأن يغنيه.
والحب لله جل وعلا إنما يثمر وينتج للعبد عندما يتحقق التحابب من الطرفين، ولا يتأتى ذلك إلا بعد ما يوجد لدى العبد أيضا بواعث ودواعي يحبه الله بها، وإليها يومي قوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) (1) ومن أجلى أفراد تلك الفئة الصالحة عباد الله المخلصين مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد عرفه بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث الراية الصحيح الثابت المتواتر المتفق عليه بقوله: (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله) (2).
وإذا تم التحابب وحصلت الصلة من الطرفين يترتب عندئذ على الحب كل فضيلة، ويستأهل العبد بذلك لكل عناية من الله تعالى وكرامة، وتحصل له القربى والزلفى لديه حتى يكون عنده مشرفا بما جاء في صحيح البخاري (3) من الحديث القدسي: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، الحديث.
وهذا الوسيط في الحب الذي هو رمز الصلة بين الله وبين من آمن به، ووسيلة العباد إليه، وباتباعه تدرك سعادة الدارين، وبه يفوز المؤمنون في