عز وجل [وكان] (1) في الموضع سلمات (2) فامر رسول الله (ص) ان يقم ما تحتهن، وينصب له حجارة كهيئة المنبر، ليشرف على الناس، فتراجع الناس واحتبس أو اخرهم في ذلك المكان لا يزالون، فقام رسول الله (ص) فوق تلك الاحجار (3)، فقال الحمد لله الذي علا في توحده، ودنا في تفرده، وجل في سلطانه، وعظم في أركانه، وأحاط بكل شئ علما، وهو في مكانه، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، مجيدا لم يزل محمودا، لا يزال بارئ الممسوكات، وداحي المدحوات، وجبار [الأرضين] (4) والسماوات، قدوس سبوح، رب الملائكة والروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على من أدناه، يلحظ كل عين والعيون لا تراه، كريم حليم، ذو أناة، قد وسع كل شئ رحمته، ومن عليهم بنعمته، لا يعجل بانتقامه، ولا يبادر إليهم بما استخفوا من عذابه، قد فهم السرائر، وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، ولا اشتبهت عليه الخفيات، له الإحاطة بكل شئ، والغلبة على كل شئ، والقوة في كل شئ، والقدرة على كل شئ، وليس مثله شئ، وهو منشئ الشئ حين لا شئ، دائم قائم بالقسط، لا اله الا هو العزيز الحكيم، جل عن أن تدركه الابصار، وهو يدرك الابصار، وهو اللطيف الخبير، لا يلحق أحد وصفه من معاينة، ولا يجد أحد كيف هو من سر وعلانية، الا بما دل عز وجل على نفسه، واشهد بأنه (6) الله الذي ملأ الدهر قدسه، والذي يغشى الأبد نوره، والذي ينفذ امره بلا مشاورة مشير، ولا معه شريك، ولا تقدير، ولا تفاوت في تدبير، صور ما أبدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معاونة من أحد، ولا تكلف ولا احتيال، أنشأها فكانت، وبرأها فبانت، فهو الله الذي لا اله الا هو المتقن [الصنعة] (7) الحسن الصنيعة، العدل الذي لا يجور، والأكرم
(١٩٤)