رسولا من رسلي، الا بعد اكمال ديني، وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذلك (1) فريضتان مما (2) تحتاج ان تبلغهما قومك، فريضة الحج، وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فاني لم أخل أرضي من حجة، ولن أخليها ابدا، فان الله جل ثناؤه يأمرك ان تبلغ قومك الحج وتحج ويحج معك (كل) (3) من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والاعراب، وتعلمهم من [معالم] (4) حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرائع.
فنادى مناد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الناس ألا ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد الحج، وان يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرائع دينكم، ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره.
فخرج (صلى الله عليه وآله) وخرج معه الناس واصغوا إليه لينظروا ما يصنع، فيصنعوا مثله، فحج بهم، وبلغ من حج مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أهل المدينة وأهل الأطراف والاعراب سبعين الف انسان أو يزيدون، على [نحو] (5) عدد أصحاب موسى (عليه السلام) السبعين الألف، الذين اخذ عليهم بيعة هارون (عليه السلام)، فنكثوا، واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) البيعة لعلي (عليه السلام) بالخلافة على عدد أصحاب موسى (عليه السلام) فنكثوا البيعة، واتبعوا العجل (3) سنة بسنة، ومثلا بمثل.
واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة، فلما وقف بالموقف، اتاه جبرئيل (عليه السلام) عن الله تعالى، فقال: يا محمد ان الله عز وجل يقرؤك السلام، ويقول لك: انه قد دنا اجلك ومدتك، وانا مستقدمك على ما لا بد منه، ولا