مرضوضا فقدم فأكل فقلت: يا أمير المؤمنين كيف تختمه؟
قال: " خفت هذين الولدين أن يليناه بسمن أو زيت " فكان ثوبه مرقوعا بجلد تارة وبليف أخرى، ونعلاه من ليف، وكان يلبس الكرابيس الغليظ، فإذا كان كمه طويلا قطعه بشفرة ولم يخطه، فكان لا يزال متساقطا على ذراعيه حتى يبقى سدى لا لحمة له وكان يتأدم إذا ايتدم بخل أو ملح، فإن ترقى عن ذلك فبعض نبات الأرض، فإن أرتفع عن ذلك فقليل من البان الإبل ولا يأكل اللحم إلا قليلا ويقول: " لا تجعلوا بطونكم مقابر للحيوان " وكان مع ذلك أشد الناس قوة وأعظمهم أيدا، لم ينقص الجوع قوته ولا تخون الاقلال منثه، وهو الذي طلق الدنيا، وكانت الأموال تجئ إليه من جميع بلاد الإسلام إلا من الشام فكان يفرقها ويمزقها ثم يقول: هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه (1).
الثالث والعشرون: ابن أبي الحديد أيضا في الشرح قال: روى النضر بن منصور عن عقبة بن علقمة قال: دخلت على علي (عليه السلام) فإذا بين يديه لبن حامض آذتني حموضته وكسر يابسة فقلت: يا أمير المؤمنين، أتأكل مثل هذا؟
فقال: " يا أبا الجنوب، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل أيبس من هذا ويلبس أخشن من هذا، وأشار إلى ثيابه، فإن أنا لم آخذ بما أخذ به خفت أن لا ألحق به " (2).
الرابع والعشرون: ابن أبي الحديد أيضا قال: روى معاوية بن عمار عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال:
" ما اعتلج على علي أمران في ذات الله إلا أخذ بأشدهما، ولقد علمتم أنه كان يأكل يا أهل الكوفة عندكم من ماله بالمدينة، وأنه كان ليأخذ السويق فيجعله في جراب ويختم عليه مخافة أن يزاد عليه من غيره، ومن كان أزهد في الدنيا من علي (عليه السلام)؟ " (3).
الخامس والعشرون: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال: روى بكر بن عيسى قال: كان علي (عليه السلام) يقول: " يا أهل الكوفة إذا أنا خرجت من عندكم بغير راحلتي ورحلي وغلامي فلان فأنا خائن " وكانت نفقته تأتيه من غلته بالمدينة بينبع، وكان يطعم الناس منها الخبز واللحم ويأكل هو الثريد بالزيت (4).
السادس والعشرون: ابن أبي الحديد في الشرح قال: روى يوسف بن يعقوب عن صالح بياع الأكسية أن جدته لقيت عليا بالكوفة ومعه تمر يحمله، فسلمت عليه وقالت له: أعطني يا أمير