هذا من سحر علي قليل (1).
الثالث: صاحب ثاقب المناقب قال: وروي هذا الخبر على وجه آخر وهو ما روى أبو محمد الإدريسي، عن حمزة بن داود الديلمي، عن يعقوب بن يزيد الأنباري، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حبيب الأحول، عن أبي حمزة الثمالي، عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: لما قبض النبي (صلى الله عليه وآله) وجلس أبو بكر نادى في الناس ألا من كان له على رسول الله عدة أو دين فليأت أبا بكر، وليأت معه شاهداه، ونادى علي بذلك على الإطلاق من غير طلب شاهدين فجاء أعرابي فسلم متقلدا سيفه متنكبا كنانته وفرسه لا يرى منه إلا حافره، وساق الحديث، ولم يذكر الاسم والقبيلة وكان ما وعده مائة ناقة حمر بأزمتها وأثقالها، موقرة ذهبا وفضة بعبيدها، فلما ذهب سلمان بالأعرابي إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال له حين بصر به: " مرحبا بطالب عدة والده من رسول الله (صلى الله عليه وآله) "، فقال: ما وعد أبي يا أبا الحسن؟
قال: " إن أباك قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: أنا رجل مطاع في قومي إن دعوتهم أجابوك وإني ضعيف الحال، فما تجعل لي إن دعوتهم إلى الإسلام فأسلموا "؟
فقال (عليه السلام): " من أمر الدنيا أم من أمر الآخرة؟
قال: وما عليك أن تجمعهما لي يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد جمعهما الله لأناس كثيرة؟
فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: أجمع لك خير الدنيا والآخرة، فأما في الآخرة فأنت رفيقي في الجنة، وأما في الدنيا فما تريد؟
قال: مائة ناقة حمر بأزمتها وعبيدها موقرة ذهبا وفضة، ثم قال: وإن دعوتهم فأجابوني وقضي علي الموت ولم ألقك فتدفع ذلك إلى ولدي.
قال: نعم، على أني لا أراك ولا تراني في دار الدنيا بعد يومي هذا وسيجيبك قومك، فإذا حضرتك الوفاة فليصر ولدك إلى وليي من بعدي ووصيي، وقد مضى أبوك ودعا قومه فأجابوه وأمرك بالمصير إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو إلى وصيه وها أنا وصيه ومنجز وعده ".
فقال الأعرابي: صدقت يا أبا الحسن، ثم كتب له على خرقة بيضاء وناولها الحسن وقال: " يا أبا محمد سر بهذا الرجل إلى وادي العقيق، وسلم على أهله واقذف الخرقة وانتظر ساعة حتى ترى ما يفعل، فإن دفع إليك شئ فادفعه إلى الرجل " ومضيا بالكتاب.
قال ابن عباس: فسرت من حيث لم يرني أحد، فلما أشرف الحسن على الوادي نادى بأعلى