وأخذ المفتاح من شيبة وفتح الباب وقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله أليس أنا عمك وصنو أبيك؟ فقال: بلى فما حاجتك يا عم؟ فقال: تعطيني مفتاح الكعبة فقال: هو لك يا عم فهبط جبرائيل (عليه السلام) وقال: إن الله يقرئك السلام ويقول لك أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فاستعاد المفتاح من العباس وأعاده إلى شيبة، ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الكعبة فإذا هو بصورة إبراهيم فقال: لا تعبدوا الصور والتماثيل فإن الله عز وجل يبغضها ويبغض صانعها، وجعل يحلها بطرف ردائه فلما خرج قال لشيبة: أغلق الباب ثم رفع رأسه فإذا هو بصنم على ظهر الكعبة فقال لعلي (عليه السلام): يا علي كيف لي بهذا الصنم؟ فقال: يا رسول الله أنكب لك فارق على ظهري وتناوله فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي لو جهدت أمتي من أولها إلى آخرها أن يحملوا عضوا من أعضائي ما قدروا على ذلك ولكن ادن مني يا علي، قال: فدنوت منه فضرب بيده إلى ساقي فأقلعني من الأرض وانتصب بي فإذا أنا على كتفيه فقال: يا علي سم وخذه فأخذت الصنم فضربت به الأرض فتفثت ثلاثا فقال النبي: يا علي ما ترى وأنت على كتفي؟ قلت: خيرا فداك أبي وأمي يا رسول الله، لو أردت أن أمس السماء بيدي لقدرت فقال له: يا علي زادك الله شرفا إلى شرفك، ثم انحسر (عليه السلام) من تحتي فوقعت على الأرض وضحكت فقال: ما يضحك يا علي؟
فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله وقعت من أعلى الكعبة إلى الأرض فلم أتألم من الوقع، فقال: يا علي كيف تتألم وقد حملك محمد وأنزلك جبرئيل؟ ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال العباس يفتخر: أنا سيد قريش وأكرمها حسبا وأفخرها مركبا وبيدي سقاية الحاج لا يليها غيري فقال شيبة:
لا، بل أنا سيد قريش وبيدي سدانة الكعبة لا يليها غيري فقال علي (عليه السلام) أبغضتماني بمقالتكما أنا سيدكما وسيد أهل الأرض بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا الذي ضربت وجوهكما حتى آمنتما فأقررتما أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فغضبا من قوله وأتيا النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبراه بما قال علي لهما فهبط جبرئيل (عليه السلام) وقال: يا محمد، الحق يقرئك السلام ويقول لك: قل لشيبة والعباس * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) * الآية، يا محمد علي خير منهما.