وسبعون في النار وشرها وأبغضها إلى الله عز وجل وأبعدها منه السامرة الذين يقولون (لا قتال)، كذبوا قد أمر الله بقتال الباغين في كتابه وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وخذلك المارقة، فغضب ابن قيس من قوله وقال: يا بن أبي طالب ما منعك حين بويع أخو بني تيم بن مرة وأخو بني عدي وأخو بني أمية بعدهما أن تقاتل وتضرب بسيفك، فإنك لن تخطبنا خطبة منذ قدمت العراق إلا قلت فيها والله إني أولى الناس بالناس وما زلت مظلوما منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فما منعك أن تضرب بسيفك دون من ظلمك؟ قال: قد قلت فاسمع الجواب، لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهة للقاء ربي ولا أن أكون أعلم بأن ما عند الله خير لي من الدنيا بما فيها ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعهده إلي، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما الأمة صانعة بي بعده فلم أكن بما صنعوا حين عاينته بأعلم مني به ولا أشد يقينا به مني قبل ذلك، بل أنا بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد يقينا لما عاينت وشاهدت، فقلت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال: إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك وأحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا، وأخبرني أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري، وتتبع غيري وأخبرني أني منه بمنزلة هارون من موسى وأن الأمة سيصيرون من بعده بمنزلة هارون ومن تبعه، ومنزلة العجل ومن تبعه إذ قال له موسى * (يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا إلا تتبعن أفعصيت أمري قال: يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) * وقال: * (يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قول) * (1) وإنما يعني أن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا ثم وجد أعوانا أن يجاهدهم، وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم، وإني خشيت أن يقول عني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرقت بين الأمة ولم ترقب قولي وقد عهدت إليك إن لم تجد أعوانا أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهل بيتك وشيعتك، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مال الناس لأبي بكر فبايعوه وأنا مشغول بغسل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم شغلت بالقرآن وآليت على نفسي أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب، ثم حملت فاطمة وأخذت بيد ابني الحسن والحسين (عليهما السلام) فلم أدع أحدا من أهل بدر وأهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا ناشدتهم الله في حقي ودعوتهم إلى نصرتي، فلم يستجب لي من الناس إلا أربعة رهط الزبير وسلمان وأبو ذر والمقداد ولم يبق معي من أهل بيتي أحد أصول به وأقوى، أما حمزة فقتل يوم أحد، وجعفر قتل يوم مؤتة وبقيت بين جلفين جافيين ذليلين حقيرين العباس وعقيل وهما حديثا عهد بالإسلام، وأكرهوني وقهروني فقلت كما
(٢٥)